PAYLAŞ
PDF'e AktarYazdır
تمهيد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العلمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد..
فانه يوجد فى عالمنا اليوم زهاء خمسين دولة مابين صغيرة وكبيرة تدعى بانها دول اسلامية، وتؤمن بالاسلام وبما جاء من عند الله الا ان منها من يحكم الاسلام، ومنها من لم يحكم ومع ذلك فنحن نرى ان غالبية شعوبها متمسكة بدينها – والحمد الله – يصلون ويصومون ويزكون ويحجون ويحكمون الاسلام فى حياتهم الشخصية وسلوكهم ومعاملاتهم من البيع والشراء والنكاح والطلاق … وهم فى حاجة ماسة الى معرفة دينهم وماهو واجب عليهم وما هو حلال لهم وحرام عليهم ولذلك يكثرون الاستفتاء عن قضاياهم الدينية، يستفتون علمائهم ودور الفتوى مشافهة او عن طريق وسائل الاعلام وهذا شيء يبعث على الراحة والسرور، الا ان الفتاوى التى تصدر من مختلف المراجع كثيرا ما تصدر متناقضة ومختلفة ليس لها ضوابط، يفتى هذا بان الشيئ الفلاني حلال ويفتى الآخر بانه حرام، وكل يدعى بانه محق فيما افتاه، فيسبب هذا التناقض، الفوضى والاختلاف ويشوش على الناس افكارهم. وينسى اكثر هؤلاء المفتين ماهو الواجب عليهم وهو ان يعرفوا بانه يجب عليهم ان يفتوا ولكن لا باسمهم بل باسم مولاهم لان المفتي مخبر عن الله بحكمه وان لا يتسرع فى اجابة الفتوى وان يستشيروا فى شأنها بمن هو اهل لذلك كما كان الخليفة الثانى الامام عمر (رض) يفعل ذلك، حين ماكان يواجهه اي سؤال فكان يستشير بمن حضر من الصحابة وربما جمعهم وشاورهم فكان يستشير بابن عباس (رض) الذى كان اصغر القوم واحدثهم سنا لانه كان ذاموهبة الاهية،  وكان يستشير بالامام على (رض) الذى يوصف بانه باب العلم والذى قال فى حقه الامام عمر (رض): لا بارك الله فى مكان لم يكن فيه ابو الحسن.  ومن هنا رات ادارة المجمع الفقهي الاسلامي ان تعقد مؤتمرا باسم “مؤتمر الفتوى وضوابطها” حتى يدلى اعضاء المجتمع الافاضل بآرائهم حول هذه المشكلة ويبينوا ما يجب على الفقهاء واصحاب الدعوة فى هذا الشان.
واريد ان اقف فى كلمتي هذه على محورين الاول محور الفتوى والمفتى. والثانى محور عدم التساهل فى الفتوى وتتبع الحيل.
والله اسأل ان يوفقنا جميعا لما فيه الخير والصواب.
المحور الاول حول الفتوى والمفتى
الفتوى فى اللغة هو ما يفتى به. وفى الاصطلاح هو تبيين احكام الله تعالى.
والمفتى هو الفقيه المجتهد الذى يبين الاحكام عن طريق الاجتهاد باحدى الوسائل التى ارشد الشرع اليها فيما لا نص فيه  ولا اجماع، ويطلق مجازا على ناقل الفتوى من المصادر الاسلامية الموثوقة وان لم يكن مجتهدا، كاكثر الذين يتولون مناصب الافتاء فى عصرنا هذا فان الغالبية العظمى  منهم ليسوا اهلا للافتاء عن طريق الاجتهاد وليس لهم ملكة فقهية، ومهمتهم هي نقل الفتاوى من كتب الفقهاء العظام الذين ادوا خدمات كبيرة في هذا المضمار رحمهم الله وجزاهم خير الجزاء، وبينوا للناس ما يحتاجون اليه فى امور دينهم.
ان قضية الفتوى قضية هامة يجب الوقوف عليها وبيان ماهيتها وبيان مهمة المفتى وما يجب عليه فنقول:ان الله تعالى فرض اشياء ونهى عن اشياء واحل وحرم اشياء، وبينها بلسان رسوله ووصفها بانها حلال او حرام فهو المحلل والمحرم حتى ان الرسول صلى الله عليه وسلم الذى هو افضل الخليقة على الاطلاق لم يقل شيئا من لدن نفسه ولم يفت باي فتوى حسب ما يريد ويراه فان وظيفته هي تبليغ ما تلقاه من السماء وارشاد الناس وحل مشاكلهم تحت ضوء الوحي والتعاليم الالهية، قال تعالى : وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى[1].
وقال ايضا : ويستفتونك فى النساء قل الله يفتيكم[2] وقال ايضا:وان احكم بينهم بما انزل الله[3] وقال ايضا:ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذب  هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب[4]
ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال ما قال وعلم ما علم باسم الله وباعتبار انه رسول وسفير بينه وبين خلقه. خاطبه المولى في مختلف الايات كما يخاطب الاستاذ تلميذه وعلمه كقوله تعالى:ياايها النبي اتق الله.[5]    يا ايها النبي لم تحرم ما احل الله لك.[6]   يا ايها النبي اذا طلقتم النساء[7] وقوله قل هو الله احد[8]، قل اعوذ برب الفلق[9] قل اعوذ برب الناس[10]،   قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون[11]  
تعلم الرسول صلى الله عليه وسلم فى المدرسة الالهية الاحكام التى جاء بها وعلمها امته و تربى تحت تربيته امثال ابي بكر وعمر وعثمان وعلى رضي الله عنهم هؤلاء الذين حكموا اقطارا اسلامية شاسعة حكموها بالقسط والعدالة فكانوا احسن انموذج واسوة حسنة لمن بعدهم، وصار هذا الرسول الكريم قاضيا يقضى بين الناس بالحق والعدالة، واماما يؤمهم ومفتيا، يبين لهم الحلال والحرام ولكن لا باسمه بل باسم الله الذى ارسله، يفتى ويحلل ويحرم ويوقع عنه. لان بيان الاحكام والافتاء هما من خصائص الله وهو الشارع الحقيقي، الا انه لا يجوز ان نطلق اسم (المفتى) عليه لان اسماء الله تعالى توقيفية فكما لا يجوز ان نطلق اسم (القاتل) على الله تعالى الذى هو قابض الارواح والذى يحيى ويميت، فكذلك لا يجوز ان نطلق عليه اسم (المفتى) .
نعم ان الرسول صلى الله عليه وسلم مع انه صاحب المقام الاسمي من بين المخلوقات لا يعد مشرعا بل انه قال ماقال وبلغ ما بلغ مستندا الى الوحي الذى جاءه.  مثلا فرض الله الصلاة والزكاة والصوم والحج فقال: واقيموا الصلاة  واتوا الزكاة[12]. وقال: فمن شهد منكم الشهر فليصمه[13].   وقال: ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا[14].  وحرم الربا والزنا واكل اموال الناس بالباطل وحرم الظلم والقتل والسحر الى غير ذلك، الا انه تعالى ترك تفصيل هذه الفرائض والمناهى الى رسوله وسفيره، حتى يبين ذلك عن طريق الوحى الغير المتلو فبين ان الله تعالى فرض فى اليوم والليلة خمس صلوات، وبين عدد ركعات كل منها وعدد الركوع والسجود فى كل ركعة وقال: صلوا كما رايتمونى اصلى.
وبين اصناف الزكاة وانصبتها ومصارفها وشرح احوال الصوم وبين مناسك الحج وقال: خذوا عنى مناسككم . وبين احكام البيع حلالها وحرامها والربا وانواعه والرهن . وبين احكام النكاح والطلاق والايلاء والظهار والعدة الى غير ذلك. وكان كل ذلك مستندا الى الوحى الغير المتلو لانه ما كان يعلم الغيب وما كان هو ولا قومه يعلمون امثال ذلك كما قال تعالى : ماكنت تعلمها انت و لا قومك من قبل هذا [15]
ان الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ما فرضت عليه وعلى امته الصلوات الخمس ليلة المعراج لم يصل صلاة صبح ذلك اليوم لعدم علمه بكيفيتها ولا بعدد ركعاتها حتى جائه جبريل عليه السلام وعلمه كيفية الصلوات الخمس واوقاتها وكانت اول صلاة صلاها هى صلاة الظهر ومن هنا نرى كتب الفقه الشافعية حين ما تشرح كيفية الصلوات تبتدئ بصلاة الظهر ثم العصر وهكذا. 
اى ان ما فعله الرسول وقاله فيما عدا الايات القرانية مما يتعلق بالاحكام الشرعية كان مستندا الى الوحى غير المتلو لان الشارع – كما قلنا سابقا- فى الحقيقة هو الله تعالى والرسول مبلغ عنه فبين الله تعالى فى القران الكريم الوف القضايا صراحة او ايماء، وافتى وبين احكامها وعلمها رسوله عن طريق الوحي كما بين الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرا من الاحكام التى لم تاخذ مكانها فى القران استنادا الى الوحى الغير المتلو الذى جاء به جبريل الى النبي صلى الله عليه وسلم. واذا كان هناك قضية لم يبين حكمها لا فى القران ولا فى السنة فيجب معرفة حكمها عن طريق الاجماع اذا كان هناك اجماع، ويجب العمل بذلك. قال تعالى: ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى[16].  وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا تجتمع امتى على الضلالة.
واذا لم يكن فى شانها اجماع فيجب على من له ملكة الاجتهاد ان يستنبط حكمها عن طريق التعقل والتفكر باحدى الوسائل التى ارشد الشرع الى الاهتداء بها وهى القياس والاستحسان والاستصلاح وغير ذلك من الوسائل.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين ما ولاه القضاء باليمن : كيف تقضى اذا عرض لك قضاء، قال معاذ اقضى بكتاب الله، فان لم اجد فبسنة رسول الله، فان لم اجد اجتهد رأيي فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذى وفق رسول رسوله لما يرضى الله ورسوله[17].
والعمل بالراي الغير المستند الى احدى هذه الوساءل يؤدى الى الخروج عن سواء السبيل.
ومن هنا يقول الامام عمر رضي الله عنه: اياكم واصحاب الراي. ويقول بعض الصحاية: من قال فى الشرع برايه فقد ضل واضل.
ونحن نرى فى عصرنا هذا كثيرا من الذين يدعون العلم يقولون ما يقولون عن رأيهم من غير ان يتوسلوا بهذه الوسائل التى مر ذكرها.
ويجب من يقوم بامور الفتوى ان يعلم انه ليس مستقلا في مهمته التى يقوم بها، يقول مايريد باسم الاسلام ويفتى كما يشاء ويجب ان لا يغيب عن باله انه نائب عن صاحب الفتوى وهو الله تعالى. وحينما يفتى فى اي مسالة توجه اليه كانه يقول للمستفتى: ان الله يقول لك هذا كذا او هذا حلال او حرام او افعل كذا او لا تفعل كذا.
وقد شبه القرافي المفتى بالترجمان عن مراد الله تعالى. وجعل ابن القيم المفتى بمنزلة الوزير الذى يوقع عن السلطان. وقال النووى المفتى هو موقع عن الله تعالى . وقال ابن المنكدر: المفتى هو واسطة بين الله وبين خلقه فلينظر كيف يدخل بينهم.
ويجب على المفتى ان يعلم ان مقام الافتاء هو مقام مملوء بالمخاطر، فاذا تجاوز المرء وتكلم حسب هواه او على غير علم فان ربه لبالمرصاد، وسيعاقبه بما يستحق لانه يتكلم باسمه فاذا لم يكن صادقا فيما افتى به فيكون قد افتى على الله الكذب. ومن هنا يقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: اجرؤكم على الفتيا اجرئكم على النار[18].
والافتاء بغير العلم من الكبائر الموبقات لانه يتضمن الكذب على الله ورسوله ويكون سببا لاضلال الناس وابتعادهم عن طريق الحق. قال تعالى:قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله مالا تعلمون[19].
فقد ساوى الله سبحانه تعالى فى هذه الاية بين القول علي الله بغير علم وبين الشرك بالله والفواحش. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ان الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور العلماء ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى اذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فافتوا بغير علم فضلوا واضلوا[20].
ويجب على المفتى – كما قلنا آنفا- ان يعلم انه نائب عن الله ورسوله فعليه ان يبين للناس ما تعلمه من كتاب الله وسنة رسوله وانه امانة فى عنقه يجب المحافظة عليه وان لا يحرفه بالقول او بالتاويل والا فسيكون مسؤلا يوم القيامة قال تعالى : وقال الرسول يارب ان قومى اتخذوا هذا القران مهجورا[21] . وان لا يكتمه فان كتمانه جريمة كبيرة تستوجب العقاب. قال الرسول: من كتم حديثا عن اهله الجم يوم القيامة بلجام من نار.[22]
ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان حاملا لامانة الفتوى التى تلقاها من مولاه تعالى فاعطى الامانة حقها وكان ناصحا امينا ولما انتقل الى جوار ربه انتقل امر الفتوى الى اصحابه من حوله الذين تربوا بتربيته والى العلماء الذين ورثوا عنه العلم والادب كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: العلماء ورثة الانبياء[23]
فالانبياء ماورثوا دينارا ولا درهما ولكنهم ورثوا ماجاءهم من الوحى وتعاليم السماء ورثوه لمن جاء بعدهم من العلماء.
المحور الثانى التساهل فى امور الفتوى
لا يجوز للمفتى ان يتساهل فى امور الفتوى فيفتى فى دين الله بالتشهى وتتبع الحيل التى تؤدى الى الحرام واسقاط الواجب والى تحليل المحرم ولا يرتكب امثال الحيل التى ارتكبها اليهود فحللوا محارم الله واعتدو الحدود وتمسكوا بالخداع الذى هو ديدنهم ولذلك كانوا اكثر الناس تعرضا للعنة الله قال تعالى : لعن الذين كفروا من بنى اسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ماكانوا يفعلون[24].
والحيلة التى ارتكبوها هي ان الله تعالى حرم عليهم صيد السمك يوم السبت لان هذا اليوم كان يوم عطلة وعبادة لهم وكان من الواجب عليهم ان يتوجهوا الى الله ويعبدوه ولا يتجاوزوا الحدود التى حدت لهم ولكنهم لم يمتثلوا ما امروا به فابتلاهم الله فى ذلك اليوم،  يوم السبت حيث كانت الحيتان تجتمع فى ساحل القرية التى كانوا يعيشون فيها وتتراكم واذا مضى يوم السبت تفرقت الحيتان فلا يرى منها شيئ فلذلك عمد رجال منهم فحفروا حياضا قرب البحر وشرعوا منه اليها الانهار فاذا كانت عشية الجمعة فتحوا تلك الانهار فتأتي الحيتان الى الحياض ولا يقدرون على الخروج واذا كان يوم الاحد اخذوها وفى ذلك يقول تعالى: واسألهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر اذ يعدون فى السبت اذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون[25].
ولا يجوز للمفتى ان يتتبع الرخص بان يبحث عن اسهل القولين او الوجهين كما قال النووي، فالاسلام هو دين الصراحة لا يحب الالتواء والتلاعب والخداع ويجب عليه ان يدرس الاقوال التى قيلت فى شأن القضية المسؤلة عنها وينظر الى الادلة التى وردت فى شانها فيأخذ بالاقوى وبما يراه حقا ان كانت لديه ملكة فقه قوية.
واريد ان آتي ببعض الامثلة التى يفتى بها المفتى الماجن الذى يمثل قوى الشر بين المسلمين ويحتال حتى يتبين امره: 
1-              رجل يملك اربعين الف دينار مثلا ولا يمكنه ان يتاجر بها اما لانه رجل طاعن فى السن لا يقدر على ان يتجر او لانه لا يعرف امور التجارة ويريد ان يدخرها لشيخوخته ولمستقبل زمانه ويتفكر فى انه لو ادى كل عام زكاة تلك الدنانير لاكلتها الزكاة على مر السنين فيستشير بالمفتى الماجن فيقول له امسك هذه الدنانير عندك حتى اذا قارب انتهاء السنة هبها من زوجتك ولتبق عندها الى ان يقترب انتهاء السنة الثانية وحينذاك فلتهبها هي لك كما وهبتها اياها، وهكذا تستمر العملية عملية الدور وبذلك يتخلص من اداء الزكاة.
2-              رجل فى ذمته صلوات وصيام وايمان كثيرة وحينما يتقدم فى الشيخوخة يوصى بطعام قليل – مقدار ربع طن من الطعام – لكي يؤدى كفارة مافى ذمته الذى ربما يبلغ ثلاثين طنا او اكثر من الطعام  تؤدى عنه بعد موته، وبعد ان يموت ياتى وارثه بذلك الطعام القليل الذى اوصى به فيدفعه الى فقير او اكثر وبعد قبضه يدفعه الفقير الى الوارث ثم يدفعه ذلك الوارث  مرة ثانية الى الفقير ثم بعد ذلك يدفع الفقير الى الوارث وتتكرر العملية كذلك الى ان تؤدى كفارة ما فى ذمته بهذه الحيلة وتسمى هذه العملية بالدور.
3-              امراة متزوجة من زوج لا تحبه وتريد ان تفارقه لكي تتزوج بزوج غيره  وهو بعكس ذلك يحبها ولا يريد ان يفارقها فتذهب هذه الزوجة الى المفتى الماجن وتعرض عليه قضيتها  فيقول لها انت حنفية المذهب وفى المذهب الحنفي اذا ارتد احد الزوجين بالكفر بالله او بالرسول او بغير ذلك من شعائر الاسلام يكون كافرا فى نفس الوقت و ينفسخ نكاحهما وبذلك تتخلصين من زوجك. فماذا تفعل هذه المسكينة بعد ذلك، تفعل ما قال لها  ذلك المفتى الماجن فتكفر بالله ويحبط عملها وتنقض عش الزوجية.
وامثال هذه الحيل كثيرة ونعوذ بالله من شرور هؤلاء المشعوذين. ومثل هذه الحيل لا تليق بالانسان بله المؤمن، غير انه يجوز ان يرشد المفتى الناس لكي يتخلصوا من الحرام بطريقة لا ظلم فيها لاحد ولا تسقط واجبا كما ارشد النبي صلى الله عليه وسلم بلالا الى بيع التمر بدراهم ثم يشتري بالدراهم تمرا اخر ليتخلص من الربا الحرام .  
الخاتمة
اريد ان اشير باختصار الى هذه النقاط:
الاولى: ان قضية الافتاء والتحليل والتحريم في يد الله تعالى فهو الذى يفتى ويبين ماهو حلال وما هو حرام، بينه فى كتابه وعلى لسان رسوله، وليس لاي احد مهما كانت منزلته ومهما اوتي من العلم والثقافة والخبرة ان يتربع على كرسي الافتاء ويقول هذا حلال وهذا حرام بالتشهى وعلى حسب ما يدلى به عقله.
ان الرسول صلى الله عليه وسلم الذى هو اشرف الخليقة على الاطلاق ما قال وما كان له ان يقول شيأ حسب رأيه قال تعالى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى[26]. وكل ما افتى به وقاله كان مستندا الى الوحي الذى جائه. وعند انتقاله الى جوار ربه سلك صحابته ومن جاء بعدهم من الذين آمنوا به واتبعوه  الطريق الذي سلكه، وبذلوا جهدا كبيرا فى سبيل نشر الاسلام وتعاليمه وكتبوا مآت الالوف من كتب الحديث والفقه والتفسير وغير ذلك، وتركوا ورائهم ثروة عظيمة لا مثيل لها فى تاريخ البشرية وحلوا المشاكل التى يواجهها الناس وبينوا ما يحتاجون اليه من الفتاوى والواقعات تحت ضوء القرآن والسنة فرحمهم الله وجزاهم عنا خير الجزاء.
الثانية: يجب على من تصدى للفتيا ان يكون مخلصا فى دينه صادقا فى قوله وعمله وان لا يخدع الناس فيفتي بما لا يعلمه لان الفتوى بغير علم بمثابة الشرك بالله تعالى -كما قلنا سابقا- وان لا يحرف دينه بالتأويلات التى ما انز الله بها من سلطان وبالفتاوى الباطلة فيحرم ما لم يحرمه الله او يحلل ما حرمه الله ويوجب ما لم يوجبه وان يكون بعيدا عن التحايل على اسقاط الواجب وان يرشد الناس باللين والرفق ويعينهم في سلوكهم وحياتهم.
الثالثة: يجب على الذين يريدون ان يحلوا مشاكلهم الدينية ان يوجهوا اسئلتهم الى من هو اهل للفتوى من العلماء الذين يثقون بهم والذين يعرفون بالاعتدال والاستقامة وان لا يستفتوا من صادفوه لاسيما اولئك المعروفون بالميول المنحرفة والافكار الزائغة ولا يغتروا بالمظاهر والاناقة فان الله تعالى لا ينظر الى الصور والاجسام ولكن ينظر الى القلوب والاعمال.
ونتضرع الى المولى القدير ان يقينا جميعا من المتاعب والمصائب ويحفظ بلادنا من كل مكر وسوء انه سميع مجيب.
خليل عبد الكريم كوننج
معهد الدراسات العليا خاصكى اسطنبول
عضو المجمع الفقه الاسلامى مكة المكرمة


[1]-النجم 3-4
[2]– نساء 137
[3]– المائدة 49
[4]– النحل 116
[5]– الاحزاب 1
[6]– التحريم 1
[7]– طلاق 1
[8]– اخلاص 1
[9]– فلق 1
[10]– الناس 1
[11]– الزمر 9
[12]– البقرة 43
[13]– البقرة 185
[14]– ال عمران 97
[15]– هود 49
[16]– النساء 115
[17]– المسند ج:5 ص:236
[18]– دارمى
[19]– الاعراف 33
[20]– مسلم 2057
[21]– الفرقان 30
[22]– ابن ماجه 266
[23]– ابو داود
[24]– المائدة 78-79
[25]– الاعراف 163
[26]– النجم 3-4
PDF'e AktarYazdır

BİR CEVAP BIRAK

Lütfen yorumunuzu yazın
Lütfen buraya isminizi yazın